إذا كانت هذه أول مرة تزور موقعنا فلا تنسى عمل Like لايك لصفحتنا على الفيس بوك اضغط هنا

رأسمالية الدولة التابعة

Gharam elsawy الجمعة، 10 أغسطس 2012 0 التعليقات

كتب / شوقي عقل
ذكرت في مقالي السابق أن فشل البرنامج السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبرجوازية المصرية بأجنحتها المختلفة هو سمة الواقع الراهن الآن في مصر، وملمحه العام حالة من التردي الشديد في كافة المجالات، وهو السبب الرئيسي في وصول الجناح الأكثر تخلفا من أجنحة البرجوازية إلى السلطة، أي الاخوان المسلمين.
معرفتنا بأبعاد الأزمة التي تواجهها الدولة والمجتمع في مصر، ومعرفتنا بالسمات العامة لبرنامج  الاخوان المسلمين ورؤاهم لحل تلك الازمة سيبين بجلاء عجز ذلك الجناح من أجنحة البرجوازية عن حل هذه الأزمة،  بل أن وجودهم في السلطة سيؤدي إلى تعميق الازمة واستفحال عوارضها.
الأزمة التي تواجهها الدولة باعتبارها (التنظيم السياسي المعبر عن رأسمالية الدولة التابعة) هي بطبيعة الحال أزمة الطبقة القائدة في التشخيص البادي والمباشر، وجناحها المهيمن، وهو رأسمالية الدولة التابعة، وهي من ناحية أخرى أزمة الخسارة لربح محتمل اذا استخدمنا لغة الاقتصاد، بسبب من غياب القوة المرشحة الأخرى لتكون القوة القائدة للمجتمع، أي الطبقة العاملة، رصدنا لملامح أزمة الطبقة البرجوازية والدولة المعبرة عن مصالحها، يكشف بجلاء  حقيقة الأزمة، في نقاط مختصرة للغاية، ولكنها تُستدعي لذاكرة كل منا، من خلال خبرة طويلة عايشناها مع حكم هذه الطبقة، ما يعوض هذا الاختصار.
1.    انها دولة تابعة لمنظومة الاستعمار العالمي تدور في فلكه وتأتمر بأوامره.
2.    أنها غير قادرة على انجاز خطة تنمية مستقلة لخضوعها (كجزء من شروط تبعيتها) للقواعد التي يضعها كل من صندوق النقد والبنك الدوليين كآليتين من آليات الأخضاع والتبعية.
3.    أن سياستها الخارجية تخضع تماما لشروط واملاءات تلك التبعية.
4.    أنها شديدة التمركز حول ذاتها فيما يتعلق بأمنها ومصالحها الضيقة، ولامبالية بالتفتت الذي شكل سمة المجتمع وقواه تحت تأثير عوامل من العصبيات العشائرية أو القبلية أو الطائفية أو العائلية حتى وصل الأمر  للتقسيم المهني للمجتمع الذي يستتبعه عادة أشكال من التعالي والارتباط القائم على تعزيز الأنتماء للوحدة الضيقة على حساب الأنتماء للكيان الأعظم، وهو الامة (مثال حالة القضاة)
5.    أنها غير مبالية بما وصفه "جمال حمدان" (بموقع) مصر الذي تمثل في أنسحابها من القيام بالدور التاريخي المفروض على مصر بحكم الموقع بما حولها من قضايا تمس صميم أمنها القومي، لتنكفيء كما قال حمدان إلى الأهتمام فقط ب(الموضع) مثال (التهديد المباشر لمصالح مصر المائية)
6.    ان تلك الدولة شكلت الياتها وكيفتها طبقا لعلاقات التبعية الاقتصادية والسياسية لمنظومة الاستعمار العالمي، خدمة لتحول الطبقة التي تمثلها إلى طبقة تابعة، فتحولت من برنامج  يطمح إلى تحقيق اقتصاد مستقل، في عهدها الذهبي، عهد رأسمالية الدولة الوطنية،  إلى برنامج تلعب فيه دور الوكيل المحلي لرأس المال العالمي، في عهدها الذليل، عهد رأسمالية الدولة التابعة،  انها لاتصنع ولا تزرع بل تتاجر وتستورد، وتحول الاقتصاد إلى اقتصاد ريعي خدمي  تابع، مما انعكس بطبيعة الحال على مجمل الاقتصاد، وعلى حياة البشر، وهي بالتالي وبحكم المصلحة غير راغبة وغير قادرة على أنجاز مهمة التحرر الوطني.
7.    انها –نتيجة لطبيعتها البيروقراطية- استخدمت سيطرتها الإخطبوطية على شرايين الحياة الاقتصادية لخدمة مصالحها، فحققت ثروات هائلة من تلك السيطرة في مجالات الإستيراد والتجارة الخارجية والداخلية والاستثمار العقاري، والمداخيل الثابتة والإضافية من مرتبات وبدلات..الخ
8.     للنخبة البيروقراطية العسكرية وضعا خاصا مميزا داخل الجهاز البيروقراطي للدولة مكنه من الاحتفاظ والسيطرة على ما يزيد عن ثلث الاقتصاد، ومكنه من فرض إرادته على بقية جهاز الدولة بتعيين أفراده المحالين للتقاعد في الوظائف العليا المختلفة، ويشكل في منظومة الحفاظ على سلطة الطبقة والحفاظ على علاقات التبعية حجر الزاوية من خلال علاقات مباشرة مع الأجهزة العسكرية والأستخباراتية المناظرة في الدولة القائدة (الولايات المتحدة).
9.    فشل الدولة الممثل السياسي لرأسمالية الدولة التابعة في إدارة منظومة العلاقة الاجتماعية التاريخية السلمية التي تربط مابين الجماعتين المسلمة والمسيحية، بل وقامت في كثير من الاحيان عبر اجهزتها الأمنية بإثارة الفتن الطائفية كوسيلة لتنفيس العنف الطبقي والإحتقان الإجتماعي المتراكم نتيجة لسياسات هذه الطبقة، مذبحة كنيسة القديسين في ا؟لأسكندرية مثال قريب .

10. قامت بتدمير الهيبة الملازمة لأجهزة الدولة البيروقراطية الممثلة في القضاء والشرطة، وكان الاعتداء على رجال القضاء مؤشرا هاما لنهاية قدرة تلك الطبقة على الاستمرار كونها تدمر بيدها آليات الحفاظ على شرعيتها الظاهرية الخادعة، وهو أسلوب مارسته منذ البدايات الأولى لسيطرة نظام "رأسمالية الدولة الوطنية" في بداية الخمسينيات.
11.  قامت بتدميرالمؤسسات والهيئات المكونة لتنظيمات المجتمع المدني مثل الأحزاب والنقابات والجمعيات العامة والمجالس النيابية، من خلال التدخل السافر المكشوف أو الخفي واستخدام كافة الأساليب البوليسة والأمنية للسيطرة على تلك التنظيمات، وإفراغها من أي مضمون سياسي أو اجتماعي، رغم دور هذه المؤسسات في مساندة هيمنتها الطبقية، وكان انتصارها في هذا كبيرا وحاسما (حزبي الوفد والتجمع مثالا) مما أدى لإفراغ طاقة العمل السياسي المعارض داخل الأطر الرسمية للدولة من أي قيمة قد تجعل له فاعلية جماهيرية مؤثرة في الواقع، وكان ذلك من عوامل تدمير قدرة الطبقة على إدارة الواقع السياسي حين احتاج الأمر لحظة الهبة الثورية في يناير.
12. لم تستطع إدارة الصراع بين أجنحتها المختلفة طبقا للصالح العام للطبقة البرجوازية ككل، بالتضحية ببعض من عناصرها، كما يحدث عادة في باقي المجتمعات،  كان لجوئها للعنف واستخدام السبل القانونية المزورة ضد الإخوان المسلمين وهم من ضمن أجنحتها، ومن قبل ضد بعض أفراد ينتمون لأجنحة أخرى من نفس الطبقة، تأثير قوي لسلبها التعاطف والتأييد العام من بقية الأجنحة.
13. الطبيعة الأمنية والشُرطية لسلوك وتصرفات دولة هذه الطبقة سمة أساسية لها، ويمكن ملاحظة أن اعتمادها المتزايد على جهازها الأمني تزايد بمرور السنين مع تزايد فشلها في إدارة الواقع العام، حتى أصبح جهاز أمن الدولة في النهاية له اليد الطولى في كافة القضايا السياسية، وكان صاحب القرار في السياسة الخارجية هو الشخص المهيمن على جهاز المخابرات، وليس وزير الخارجية كما يفترض.
14.  التدني الكبير في المستوى الثقافي والخطابي لدولة تلك الطبقة، كتعبير صادق عن الطريقة الفاسدة لحصولها على الثروة، وتراجع ذلك المستوى مع انهيارها وتراجعها المحتم من محاولتها القيام بدور وطني وفشل تلك المحاولة، ويمكن ملاحظة ذلك في تتبع أوجه التعبير عنها في كل فترة، شمل ذلك كل مناحي التعبير الإعلامي والثقافي والإبداعي المختلفة، أن مقارنة سريعة بحجم الإبداع وقيمته في بداية صعود هذه الطبقة وما نراه الآن يرينا حجم الانهيار والسوقية والابتذال المرافقين والمعبرين عن حالة السقوط.
15.عدم قدرتها على إدارة أي شكل من اشكال الحوار المجتمعي نتيجة للعوامل السابق ذكرها.
16.عجز آليات الدولة عن القيام بدورها المنشئة من أجله، وذلك  بسبب من العوامل السابق بيانها، ذلك العجز المتمثل في بطء المعاملات (مثال القضايا التي تستغرق سنوات طويلة دون حسم) وفشل أجهزة الخدمات المختلفة من صحية وتعليمية وأمنية ومرورية وأجهزة الأحياء والتوثيق وغيرها في تقديم الخدمات.
17. إستنزاف الثروة  نتيجة النهب المستمر وعدم وجود التمويلات الكافية لأعمال التجديد والإحلال أدى لانهيار المرافق والتسبب في العديد من المشاكل الصحية والأمراض لملايين البشر.
18. النمو الهائل في الجهاز البيروقراطي والتعدد الكبير في المعوقات البيروقراطية الموضوعة شرطا لانجاز المعاملات، وتضاعف حجم وقيمة الرسوم المفروضة على المواطن، كتأكيد لسلطة البيروقراطية وحاجة الأخطبوط البيروقراطي لتمويل نموه من تلك الرسوم.
19. الطبيعة الاستبداية  المتخلفة لآليات العمل والتوظيف في ظل الطبيعة المستبدة الفاسدة لنمط الحياة الذي تفرضه هيمنة رأسمالية الدولة التابعة، في مواجهة طموح الفرد للترقي (كيف قال المستشار الزند أن ابن القاضي لابد ان يصبح قاضيا رغم ارادة الجميع) والمآسي التي كانت ترد من حين لآخر مثل انتحار شاب في مقتبل عمره لعجزه عن الحصول على وظيفة رغم تفوقه مثال صارخ لذلك.
20.ميل الجهاز البيروقراطي لاصدار المزيد من القوانين لتضاف إلى الكم الهائل من القوانين الموجودة بقصد تعزيز سلطته عبر وضع وخلق المزيد من الغموض والعراقيل امام المواطن عديم الحيلة ولتبرير نموه السرطاني ونمو سلطته.
21. الطبيعة الشخصانية لسلطة الدولة والتمركز الشديد للقوة المالية والسلطوية في يد أفراد معدودين، والصعود المفاجيء السريع لأفراد لا صفة شخصية تميزهم سوى علاقتهم الشخصية بالمقربون من رأس النظام أو أفراد أسرته (أحمد عز مثالا).
22.عدم  تقديم حلول حقيقية لأية مشكلة وإتباع سياسة ترحيل المشاكل للعام القادم أو العقد القادم أو الجيل القادم، مثال واضح حالة عجز الميزانية المزمن المرحل إلى موازنة العام القادم.
ما ذكرته من نقاط يمثل ملامح وسمات عامة لسلوك وسياسات دولة البرجوازية التابعة، المتخلفة والمستبدة، بعضها اصل فهو منتج لغيره من السمات، مثل النقطة الاولى والثانية، فقضيتا التنمية والتحرر من قبضة الإستعمار العالمي هما القضيتان المحوريتان اللتان تواجهان أي نظام راغب في حل كافة المشاكل الأساسية والمتفرعة عنها، فبدون التنمية لن تستطيع مصر مواجهة المشاكل الاقتصادية التي  تتمثل في ضعف النمو الاقتصادي، إنخفاض الدخل، ضعف الصادرات وما يتبعه من عجز ميزان المدفوعات، وعجز الميزانية العامة لزيادة المصروفات العامة عن الإيرادات  العامة، والبطالة والتضخم نتيجة لانخفاض قيمة العملة المحلية الناتج عن قلة الصادرات وزيادة الواردات، لن تقبل الولايات المتحدة ولن تقبل اسرائيل أن تقوم مصر بإنجاز مشروعها التنموي، يذكر هيكل أن سؤال بن جوريون الأول عن قادة يوليو حين سمع عن حركتهم هو: هل لديهم خطة للتنمية؟؟ لم يسأل عن التسليح أو عن أفكارهم أو عقائدهم، سأل فقط عن خطتهم للتنمية. لكي تخرج مصر من أزمتها لابد لها من مضاعفة دخلها القومي مرة كل سبع سنوات على الأكثر، يستدعي ذلك خطة تنموية عميقة متعددة الأوجه، يستدعي ذلك احلال المنتج المحلي محل المستورد، يستدعي ذلك اقفال باب الإستيراد إلا للضرورة القصوى وتدريجيا حتى يتعادل ميزان المدفوعات بتعادل الواردات مع الصادرات وينتهي العجز في الميزانية العامة كما فعل رئيس الوزراء الماليزي حين أحس بخطر العجز في ميزان مدفوعاته، يستدعي ذلك رفض برامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المجحفة، يستدعي ذلك الوقوف ضد إرادة البيت الأبيض، هل يستطيع خيرت الشاطر والسويركي ومالك وجمال عبد العزيز وغيرهم من كبار المستوردين انجاز ذلك البرنامج؟
في الجزء الثالث والاخير من هذا المقال سأقدم السمات العامة لبرنامج الاخوان ونقدي لهذا البرنامج باعتباره ليس إلا امتدادا لبرنامج الحزب الوطني، مع الكثير من المقولات الوعظية والدعوات الطيبة، التي قال عنها نيتشة (بانها لا تزيد شيئا عن تلك الحيل اللطيفة للاخلاقيين والوعاظ العجائز).

0 اكتب تعليق على "رأسمالية الدولة التابعة"

  • شارك برأيك مرحبا بالاصدقاء الاعزاء يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما Hello dear "friends I am glad your visit and I hope always to communicate.