توفي صباح اليوم الجمعة، الدكتور محمد فريد عبد الخالق، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الاخوان المسلمين، وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، مدير عام دار الكُتب والوثائق القومية سابقًا.ومن المقرر ان تقام صلاة الجنازة ظهر غدًا السبت، بمسجد الحصري 6 أكتوبر .
لفقيد من مواليد سنة 1915 بمدينة فاقوس، وتخرج في معهد التربية العالي بالقاهرة سنة 1936، وجمع في دراسته العليا بين العلوم والرياضيات والقانون والشريعة الإسلامية، وعمل خطيبًا وشاعرًا وباحثًا ومفكرًا.
قدم للمكتبة الاسلامية عددًا من المؤلفات، منها: "الإخوان المسلمون في ميزان الحق" و"ديوان المقاومة" و"تأملات في الدين والحياة "و"في الفقه السياسي الإسلامي".
سجل الراحل الجليل رقمًا قياسيًّا عندما حصل على الدكتوراه عام 2009 وعمره إذ ذاك 94 عامًا في موضوع "الحسبة في الإسلام"
ومن اهم اقواله خلال فترة المرض الاخير أن العمل السرى هو ما جلب على جماعته الوبال.. وعندما نهضت الجماعة من كبوتها مطلع السبعينات رأى شبح العودة للعمل السرى يُطل من جديد على يد صقور النظام الخاص القديم، فقرر الرحيل.. والآن بعدما قفزت جماعته على عرش مصر ما زال ينادى بفصل العمل السياسى عن الدعوى وابتعاد المرشد عن حكم مصر.
* لو أن حسن البنا حىٌّ الآن.. ما الرسالة التى سيوجهها لجماعته وللرئيس محمد مرسى؟
- سيقول لهم: أيها الإخوان لديكم جزء دعوى وجزء سياسى، وعليكم أن تفصلوا بينهما، وكل مُيسر لما خُلق له، وكل جانب يقوم عليه أفراد، ويجب أن يكون كل من هذين الجانبين مستقلاً تماماً، فلا مرشد يحكم ولا محمد مرسى يتصل بالمرشد.. هذا لا يجوز.. هناك جانب تربوى وتثقيفى، وهناك جانب سياسى وللجماعة دورها وللحزب دوره.
* هل ما زلت تطالب بفصل الدعوى عن السياسى فى «الإخوان»؟
- أدعو الحزب إلى أن يستقل تماماً عن الجماعة، ويُعطى كل إمكاناته، وتتفرغ الدعوة للتربية والتوعية، فلكى تنجح ثورة 25 يناير وتؤدى دورها لا بد لها من ثقافة جديدة ورؤية جديدة، لأن هناك تحديات ستواجهنا، فهناك من يخاف الربيع العربى بعدما حدث من سيطرة الغرب علينا، خصوصاً بعد حرب الخليج الثانية، والآن هناك أوضاع سياسية قائمة من أول البحرين وحتى المغرب العربى، هناك مَن يخشى من اكتساحنا وتخلصنا من الديكتاتورية والفقر والاستبداد.
* هل ترضيك النتيجة التى وصلت إليها الجماعة؟
- أنا مشغول بالقضية كإخوانى، أتمنى أن يُوفقوا برضى الله عنهم بتطبيق منهج دعوة الله، ونحن لسنا أصحاب مبادئ فقط، لكنها وحدها لا تُغيَّر، ولا حتى منهج الله وحده، لكن ما أفعله وأؤمن به ثم أدفع ثمنه مهما كلفنى هذا هو النجاح.
* هل تخاف من المنافسة الحزبية وصراعات «الحرية والعدالة» وجبهة الإنقاذ؟
- الأوضاع صعبة للغاية، الناس تريد أن تأكل «عيش»، وهناك أموال منهوبة وأحياء شعبية، ومهما انتشر الفساد وأنصاره وراء الأساليب الشيطانية ومغلوبين على أمرهم، لكن الله لا يُصلح عمل المفسدين، والعاقبة للمتقين.
هل تخشى تآكل المشروع الدعوى عند الإخوان بعد الانصهار فى المشروع السياسى؟
- هذه معركة حقيقية وتحدٍّ أمام «الإخوان» والتيار الإسلامى، وعليهم أن يطوِّروا من أدائهم السياسى وأن يدركوا أننا كلنا أمة واحدة، لا تقول سلفى ولا إخوانى ولا صوفى ولا جبهة الإنقاذ، هذا الصراع ليس من مصلحة أحد، هناك يوم آخر سنُحَاسب فيه، هذا لمن يؤمنون بالله واليوم الآخر، هل يمكن أن يصدق أن يقتل مصرى أخاه ويرفع السلاح فى وجه من أجل صراعات الدنيا وهوى السلطة.
* وماذا عن الأقباط والمواطنة؟
- أول من أرسى مبدأ المواطنة هو الإسلام، وأول من أعلنه هو محمد (صلى الله عليه وسلم)، فعندما دخل المدينة جمع اليهود والنصارى والمنافقين، وقال لهم كلنا أمة واحدة، لكن كل عمل اجتماعى بشرى عرضة للصواب والخطأ، وعلى الحركة الإسلامية وغيرها المبادرة بمراجعة نفسها، ليس العيب فى الخطأ، ولكن يجب أن تكون لدينا الشجاعة لمواجهة أخطائنا وتصحيحها، فالرجوع إلى الحق فضيلة.
* هل تُراجع جماعة الإخوان المسلمين نفسها؟
- يعملون الذى يقدرون عليه، لكن عليهم المزيد، لأن الأضواء مسلطة عليهم، وهم الآن فى السلطة، وهو أمر يختلف عن السابق.
* هل لدى الإخوان روح مسامحة للمختلفين معهم فكرياً أو تنظيمياً؟
- يجب أن نتفق على أن تكون لدينا السماحة فى التعامل مع الآخرين، ويجب ألا نستعلى على أحد، لأن الصراعات من مصلحة الأعداء، والإسلام برىء من الإقصاء، لكن إن رأيت الآخرين قصّروا، فعليك أن تُكمل أنت، لا أن تحاول أن تهدم المعبد على رؤوس من فيه.. يجب أن تكون هناك آلية للاختلاف عندما يحدث الاختلاف، لا نعرف كيف نحل المشكلة، حاول أن تضع يدك فى يد المختلف معك حتى ترضيه وتصل إلى حل، لا أنت تقصيه وتتبرأ منه وتدّعى عليه أنه يكذب، عندما خرج بعض الأشخاص عن الجماعة رفض البنا الهجوم عليهم ورفض إطلاق لفظ المنشقين عليهم وسماهم «المتعجلين»، ولم يصفهم بأصحاب الفتنة.
* هل يمكن أن تقبل الجماعة عودة المختلفين معها؟ أم أنها تعتبر المختلف ارتكب خطيئةً لا تسمح بالغفران؟
- قد يكون هناك قصور فى الفهم، لكن منهج الإمام البنا ما زال موجوداً، وأنا لدىّ يقين أن الأمة الإسلامية ستتوحد، وأن البشر كلهم سيستفيدون، حتى الغرب.
* هل تحمل كرهاً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟
- عندما قالوا إن جمال عبدالناصر مات ونحن فى السجن الحربى، فرح بعض الإخوان لكنى بكيت، فقالوا لى أتبكى على عبدالناصر؟ قلت: نعم، لأن الله قال «ولا تنسوا الفضل»، لا تنسوا الحقد، فعبدالناصر قَبِل العمل معنا على أساس الإصلاح، وكان يرى أن الحل فى إرادة واختيار الشعب، لكنه نكث بعد ذلك ووعدنا بحياة نيابية، لكننا لم نر شيئاً من ذلك بعد ذلك.
* لماذا اختلفت مع قيادات الجماعة وتركتها؟
- كانت انتخابات «84» قد أوشكت، وكانت أيامها حرب الروس على أفغانستان، وكنا فى التنظيم الدولى، وحضر الاجتماع عمر التلمسانى وأحمد الملط وحسنى عبدالدايم ويوسف ندا وهمت غالب، وأثرت الموضوع، وقلت يا عمر هناك موضوع مؤرقنى، والكلام موجه إلى الدكتور أحمد الملط -الأخ القديم فى التنظيم- قلت له يا أخ أحمد أتى لى الطبيب فاروق مساهل ومعه رسالة، وأحببت أكلمك فيها كأخ يتحدث إلى أخ مثله من الإخوان، وقلت لك إحنا إشترينا على حسابنا سيارة إسعاف حتى لا يتحكم «الروس» فى المصابين، فقلت لفاروق مساهل إن هذا الكلام يجب أن تُبلغه لرئيسك ورئيسك يبلغه لرئيسه ورئيسه يبلغه للمرشد، وقلت له: هل التنظيم قبل الدعوة أم الدعوة قبل التنظيم؟ ما هذا يا أحمد؟ هذه الدعوة يخدمها التنظيم، وليست الدعوة تخدم التنظيم، فالتنظيم وسيلة فقط، أنا لا أستطيع أن أعمل فى هذا الجو، لن أستطيع أن أتعاون مع إخوان هى دى طريقة دعوتهم.. أنا ماشى.
* دخلت مع الإخوان على قوائمهم فى انتخابات «84»، فما الذى حدث؟
- كان التلمسانى مرشداً متفتحاً، فدعانى وقابلنا فؤاد سراج الدين، ومعنا حسنى عبدالدايم، عضو مكتب الإرشاد، وأتذكر ساعتها أننى وجدت واحداً من الإخوان اسمه عصام العريان، قال لحسنى «يا أخ حسنى أنا من إيدك دى لإيدك دى بس رشّحونى»، فمسكتُ أذنه بيدى وضغطت عليها، وقلت له: يا ولد أنت فى دعوة وليست مناصب دنيوية، والله شهيد علىّ.
نحن تربينا على أن نعطى الدعوة ولا نأخذ منها ولا نعيش عليها.
* ألا ترى أن السياسة خصمت من «الإخوان» كثيراً؟
- هناك تطورات سياسية كبيرة الآن مختلفة تماماً وقت نشأة الجماعة، وما بعدها فى فترة الإمام البنا، الآن تحتاج كثيراً لحزب سياسى مستقل عن الدعوة، وهو الأمر الذى لم يفعله البنا، لأن الأحزاب فى أيامه كانت فاسدة.
* لكن الإخوان لا يفعلون ذلك؟
- أنا هنا لى تحفُّظ، لكنى لا أستطيع أن أحكم بدقة، فقد يكون الشاطر له مطامع أن يشكل حكومة، وارد، لكننى بصراحة وأمانة أقول إن العنصر التربوى ما زال موجوداً.
* هل انضممت إلى التنظيم الخاص بالجماعة؟
- حاول يجندنى النظام الخاص ورفضت.. كان بيكذب والإسلام لا يعرف السرية، فهى ضد الدين.
0 اكتب تعليق على "وفاة فريد عبد الخالق الرجل الذى طالب بابعاد مرشد الاخوان عن حكم مصر"