بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
قبل الاستمرار في قراءة هذا المقال، اسأل نفسك: ما هي (أو من هم) النخبة؟ ثم حاول الإجابة ببعض من التفكير. ربما ستقول أن النخبة هم الفلاسفة والمثقفون والإعلاميون الذين يصدعوننا بفلسفتهم وإفسادهم للمجتمع وقيمه الأخلاقية كل يوم. أو ربما ستقول أنهم هم عِلْية القوم الذين يحكموننا ويتحكمون في مصائرنا البائسة. يعني في ظني، يبدو أنك ستتخذ موقفا معاديا لهذه النخبة، لأننا كثيرا ما نسمع اليوم تعليقات مثل "مصيبتنا في نخبتنا" أو "النخبة فئة انتهازية لا تبحث إلا عن مصالحها فقط،" أو ما شابه ذلك من تعليقات مما أفقد الكثيرين من شعبنا الثقة في هذه النخبة.
الواقع أن المجتمعات دائما ما تتكون في العموم من فئتين: الجماهير، ومن يحكمها، وبتعبير آخر من الشعب والنخبة.
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
قبل الاستمرار في قراءة هذا المقال، اسأل نفسك: ما هي (أو من هم) النخبة؟ ثم حاول الإجابة ببعض من التفكير. ربما ستقول أن النخبة هم الفلاسفة والمثقفون والإعلاميون الذين يصدعوننا بفلسفتهم وإفسادهم للمجتمع وقيمه الأخلاقية كل يوم. أو ربما ستقول أنهم هم عِلْية القوم الذين يحكموننا ويتحكمون في مصائرنا البائسة. يعني في ظني، يبدو أنك ستتخذ موقفا معاديا لهذه النخبة، لأننا كثيرا ما نسمع اليوم تعليقات مثل "مصيبتنا في نخبتنا" أو "النخبة فئة انتهازية لا تبحث إلا عن مصالحها فقط،" أو ما شابه ذلك من تعليقات مما أفقد الكثيرين من شعبنا الثقة في هذه النخبة.
الواقع أن المجتمعات دائما ما تتكون في العموم من فئتين: الجماهير، ومن يحكمها، وبتعبير آخر من الشعب والنخبة.
وفي معظم المجتمعات باستثناء مجتمعات الرفاه الاجتماعي كالدول الاسكندنافية علي سبيل المثال، نجد درجة من ظلم الشعوب على حساب نعيم الحكام، ويزداد الأمر سوءًا في المجتمعات النامية والفاشلة بصورة خاصة.
النخبة، وقد يقال عنهم الصفوة، هم فئة أو فئات متميزة من المجتمع من ذوي الوعي الذاتي والمصالح المشتركة، يؤثرون في أقوامهم سواءً في الفكر أو العواطف أو الدوافع أو السلوك. النخبة هم القوى البشرية المحركة للمجتمع والموجهة لمساره. النخبة هم الجماعة المرجعية لأقوامهم الذين يحذون حذوهم ويقلدونهم بل ويأملون يوما أن يصبحون أعضاءً في تلك النخبة والتشرف بالانضمام إليها.
ونظرا لاختلاف الناس في مهنهم وحرفهم وأعمالهم، فلابد أن ينتج عن ذلك الاختلاف اختلاف أيضا في نوعية تميز النخبة تبعا لتلك المهنة أو الحرفة أو العمل. والنتيجة الحتمية، إذن، هي تعدد النخب وليس وجود نخبة واحدة. ولذلك يمكن أن نحد الأنواع التالية من النخب:
1. النخبة الحاكمة (السياسية)، وهي نخبة المركز نظرا لطبيعتها الحاكمة الشرعية وحولها تلتف جميع النخب الأخرى.
2. النخبة الصناعية والتجارية، أو نخبة رجال الأعمال، أو النخبة البرجوازية.
3. النخبة العسكرية والأمنية، وهم كبار رجال القوات المسلحة والداخلية.
4. النخبة البيروقراطية، أو كبار رجال الحكومة، أو ما أَطْلقت عليهم قديما "الإقطاع الحكومي".
5. النخبة المهنية، مثل المحامين والإعلاميين بكافة أنواعهم والأطباء وأساتذة الجامعات والصيادلة وأمثالهم.
6. النخبة الزراعية، وهم كبار ملاك الأراضي الزراعية.
7. النخبة الدينية، وهم المؤثرون من العلماء والفقهاء والدعاة الجدد.
ولكن لماذا نقول أن النخبة يمكن أن تكون شرا لابد منه؟ ذلك لأنه بالرغم من اختلاف المصالح الخاصة لهذه النخب السبع إلا أنها تتفاعل مع بعضها في صورة منافسة وندية بل وصراع أحيانا، كما تتفاعل مع بعضها في صورة تعاون وتحالف أيضا، كما تُكَون مع بعضها شبه "كارتل" أو طبقة أو نظاما متماسكا يشترك مكوناته كلها في مصلحة واحدة وهي التميز والشهرة والسلطة والتأثير والقوة والتمتع بنشوة الأمن والهيمنة والمميزات الخاصة والرحلات والولائم المجانية حتى ولو كان ذلك في غير مصلحة الجماهير أو الشعب، وهو ما يحدث في غالب الأمر حيث مضى زمن الفاروق رضي الله عنه وأمثاله الذين لم تكن تهنأ لهم أعين إذا عَثرت دابة في ملكهم أو بات طفل جائع في رعيتهم.
الخلاصة: أنظر أنت أيها القارئ الكريم، وقدر بنفسك القوة النسبية لكل من هذه النخب السبع، ثم قدر أيضا من المتحالفون ومن المتصارعون من بين تلك النخب، ثم قدر كذلك موقع الإخوان "المسلمين" وجماعتهم المصونة من هذه النخب، ثم قدر أيضا في النهاية مَن مِن هذه النخب هو الذي يهتم بمصلحة مصر وشعب مصر، ودعني أفكر معك ونتشارك الفكر في المقال القادم إن شاء الله.
النخبة، وقد يقال عنهم الصفوة، هم فئة أو فئات متميزة من المجتمع من ذوي الوعي الذاتي والمصالح المشتركة، يؤثرون في أقوامهم سواءً في الفكر أو العواطف أو الدوافع أو السلوك. النخبة هم القوى البشرية المحركة للمجتمع والموجهة لمساره. النخبة هم الجماعة المرجعية لأقوامهم الذين يحذون حذوهم ويقلدونهم بل ويأملون يوما أن يصبحون أعضاءً في تلك النخبة والتشرف بالانضمام إليها.
ونظرا لاختلاف الناس في مهنهم وحرفهم وأعمالهم، فلابد أن ينتج عن ذلك الاختلاف اختلاف أيضا في نوعية تميز النخبة تبعا لتلك المهنة أو الحرفة أو العمل. والنتيجة الحتمية، إذن، هي تعدد النخب وليس وجود نخبة واحدة. ولذلك يمكن أن نحد الأنواع التالية من النخب:
1. النخبة الحاكمة (السياسية)، وهي نخبة المركز نظرا لطبيعتها الحاكمة الشرعية وحولها تلتف جميع النخب الأخرى.
2. النخبة الصناعية والتجارية، أو نخبة رجال الأعمال، أو النخبة البرجوازية.
3. النخبة العسكرية والأمنية، وهم كبار رجال القوات المسلحة والداخلية.
4. النخبة البيروقراطية، أو كبار رجال الحكومة، أو ما أَطْلقت عليهم قديما "الإقطاع الحكومي".
5. النخبة المهنية، مثل المحامين والإعلاميين بكافة أنواعهم والأطباء وأساتذة الجامعات والصيادلة وأمثالهم.
6. النخبة الزراعية، وهم كبار ملاك الأراضي الزراعية.
7. النخبة الدينية، وهم المؤثرون من العلماء والفقهاء والدعاة الجدد.
ولكن لماذا نقول أن النخبة يمكن أن تكون شرا لابد منه؟ ذلك لأنه بالرغم من اختلاف المصالح الخاصة لهذه النخب السبع إلا أنها تتفاعل مع بعضها في صورة منافسة وندية بل وصراع أحيانا، كما تتفاعل مع بعضها في صورة تعاون وتحالف أيضا، كما تُكَون مع بعضها شبه "كارتل" أو طبقة أو نظاما متماسكا يشترك مكوناته كلها في مصلحة واحدة وهي التميز والشهرة والسلطة والتأثير والقوة والتمتع بنشوة الأمن والهيمنة والمميزات الخاصة والرحلات والولائم المجانية حتى ولو كان ذلك في غير مصلحة الجماهير أو الشعب، وهو ما يحدث في غالب الأمر حيث مضى زمن الفاروق رضي الله عنه وأمثاله الذين لم تكن تهنأ لهم أعين إذا عَثرت دابة في ملكهم أو بات طفل جائع في رعيتهم.
الخلاصة: أنظر أنت أيها القارئ الكريم، وقدر بنفسك القوة النسبية لكل من هذه النخب السبع، ثم قدر أيضا من المتحالفون ومن المتصارعون من بين تلك النخب، ثم قدر كذلك موقع الإخوان "المسلمين" وجماعتهم المصونة من هذه النخب، ثم قدر أيضا في النهاية مَن مِن هذه النخب هو الذي يهتم بمصلحة مصر وشعب مصر، ودعني أفكر معك ونتشارك الفكر في المقال القادم إن شاء الله.
0 اكتب تعليق على "النخبة، هل هي شر لابد منه؟"