إذا كانت هذه أول مرة تزور موقعنا فلا تنسى عمل Like لايك لصفحتنا على الفيس بوك اضغط هنا

عباس صالح يكتب :الصراع ليس معركة سنية - شيعية

Gharam elsawy الجمعة، 26 أغسطس 2016 0 التعليقات
عباس صالح يكتب :الصراع ليس معركة سنية - شيعية
لا ليست هذه الحرب المندلعة في أكثر أقطار العالم الاسلامي اليوم هي معركة سنية - شيعية كما يراد تصويرها.
بهذه العبارة يختصر أحد أقطاب الاعتدال اللبناني المشهد برمته ليؤكد على أن طاحونة الحرب النازفة أرواحاً وانهار دماء في كل دول العالم ولا سيما في دول المنطقة لم تكن يوماً، ولن تكون، حرباً مذهبية بين فريقين، كما يتم تصويرها دائماً، بل هي حرب فجرتها فئة متطرفة تنهل من فكر ظلامي ينتهج العنف والجريمة سبيلا لإثبات الذات، ويرى في الترويع والارهاب طريقاً لتحقيق الغايات السياسية بهدف السيطرة على بعض الكيانات الجغرافية وحكمها بالحديد والنار، ولايجاد موطئ قدمٍ يكون مهداً لدولة الجريمة المنظمة العابرة للقارات، على غرار النموذج الذي قدمته افغانستان إبان حكمها من قبل حركة طالبان ويكون البديل عنها بعد سقوطها، ليتم من خلالها استقطاب كل الفئات المتطرفة والجانحة ممن فهموا الدين بطرق خاطئة تماماً بل متناقضة مع تعاليم الاسلام التي تقوم على محورية التسامح والعفو والغفران وقيم الخير والمحبة.
ولا يخفى المصدر ان هذه الفئات الظلامية استفادت من عدة مناخات وعوامل طبيعية في حروبها الدموية التي ترمي الى قلب كل الموازين الانسانية والتاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية رأساً على عقب، كما تعمل على تبديل الكثير من الأُسُس والمسارات المتعلقة ببنية العقل البشري.
وانطلاقاً من العدائية التامة التي تسيطر على نهج تلك الفئة، وتطبعها برفض الآخر، والحقد على كل مختلف معها، أياً كان دين هذا المختلف ومذهبه وعرقه وقوميته ولونه، يمكن فهم أبعاد الحروب المستعرة في طول العالم وعرضه، ويمكن لأي باحث بحسب المصدر ان يكتشف بسهولة فائقة ان العمليات الارهابية التي تقترفها هذه المجموعات في بلدان نامية خارج الثنائية الاسلامية السنية - الشيعية، كأميركا والدول الاوروبية، وحتى في بلدان افريقية وعربية ذات لون مذهبي واحد كنيجريا وبلدان افريقية اخرى حيث يتم استهداف المسيحيين وكل المختلفين بمن فيهم ابناء اهل السنة ممن لم يقدموا لهم الولاء والطاعة، وهذا بالذات ما يحدث في مصر والصومال وليبيا وتونس والمغرب وقبلهم الجزائر، وكذلك في السعودية واليمن إضافة الى الاستهدافات المركزة التي تقترفها تلك الفئات المتطرفة بحق ابناء المذهب السني انفسهم في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي لبنان ايضاً، حيث يتم ضرب كل من هو مختلف مع هذا النهج المتطرف سواء كانوا من ابناء السنة او من اتباع كل الديانات الاخرى والمذاهب المختلفة، وفي هذا السياق تم قتل المسيحيين والدروز والصابئة والايزيديين والاسماعيليين والعلويين والشيعة، تماما كما تم احراق ابناء السنة المخالفين وسحلهم واغراقهم والتنكيل بهم في أبشع مجازر شهدتها الانسانية في العصر الحديث.
ومن هنا يمكن فهم الضربات الارهابية التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية بين الفينة والأخرى بحسب المصدر، وفي اي مكان وفي اي مسجد او مجمع بشري سنياً كان ام شيعياً، علماً ان على تلك الارض بالذات ولد هذا الفكر «الضال» وترعرع حتى أخذ مداه «الدعوي» تحت عناوين التشدد الديني، في إطار نشر أفكار مدرسة محمد بن عبد الوهاب، المستندة الى نظريات ابن تيمية، بمباركة ورعاية حثيثة ودقيقة من السلطات السعودية الرسمية، وفي ظل دعمها المالي المفتوح والذي استنزف مالية المملكة فعلياً، ووصل الى مرحلة بات معها اليوم يهدد اقتصاد بلد هو من أغنى بلدان العالم.
وفي هذا السياق قد تكفي اطلالة سريعة على مشهد الاحتراب القائم اليوم للتأكيد على ان الصراع ليس سنياً شيعياً يؤكد المصدر، ففي ليبيا المتطرفون السنة يقتلون اهل السنة، وفي مصر ايضاً التطرف الاعمى يضرب المصريين من اهل السنة ومن الاقباط المسيحيين معهم. وفي تونس يضرب الارهاب اهل السنة، وفي الجزائر عمل الفكر الاعمى على ترويع الجزائر واهلها السنة لعشرات السنين وما يزال، وكذلك في عدد من الدول الافريقية كالصومال حيث يقتل المتشددون اهل السنة، وفي نيجيريا حيث تروع عصابة بوكو حرام المتشددة كل اهالي نيجيريا وبعض الدول الافريقية من سنة ومسيحيين وشيعة، وفي اليمن ايضاً فان تنظيم «القاعدة» ينشط في القتل حيث وصلت أياديه، وفي مناطق السنة اكثر من غيرها، وحيث التشدد الوهابي من جهة أخرى يقتل اهل اليمن من سنة وحوثيين زيديين هم عقائدياً أقرب الى اهل السنة منهم الى الشيعة الاثنى عشرية، لكنهم سياسياً في المقلب الآخر باعتبار ان ايران هي التي احتضنتهم ودعمتهم شأن بعض الحركات الاخرى غير الشيعية في العالم العربي، ولا سيما حركات المقاومة الفلسطينية السنية كالجهاد الاسلامي وحماس والجبهتين الشعبية والديمقراطية وعشرات الفصائل غيرها.
في سوريا ايضاً فان المتطرفين يقاتلون اولا الجيش العربي السوري علما ان الغالبية من عداد هذا الجيش ما تزال حتى اليوم من ابناء اهل السنة على حدّ قول المصدر ذاته، كما يقاتلون بعضهم بعضاً كحركات سنية بمجملها لكنها متعددة الولاءات السياسية الخارجية ويناصبون العداء للاكراد وهم ايضا من اهل السنة، ويقاتلون كل من هو مختلف من ابناء سوريا وقد ارتكبوا مذابح بحق الدروز والمسيحيين والشيعة والعلويين وغيرهم من ابناء سوريا وربما كان التصدي الشيعي لهذا المشروع الهدَّام من باب ان الشيعة والعلويين هم مؤهلين أكثر من غيرهم للقتال والتصدي، وهذا ما حدث بالفعل نتيجة اعتبارات كثيرة، ابرزها ان لدى المكون الشيعي في المنطقة مشروع قتال مع اسرائيل وهو بهذا السياق لديه تسلحه وتدريباته وهو مجتمع جاهز للقتال دائماً، ولذلك كان المستهدف الاول في هذه المعركة ولذلك لوحظ انه هو الذي انتفض أولا وخرج لقتال هذه الفئة الباغية.
إضافة الى كل ما سبق، فان المنخرطين في معركة سوريا اليوم كثيرون مثل الحزب القومي والفصائل الفلسطينية والكثير من الاحزاب التي يشكل ابناء السنة عمودها الفقري والعصب الاساس.
وفي العراق ايضاً تتخذ المعركة الابعاد نفسها يضيف المصدر، حيث يتبين من خلال مجريات المعركة حتى الان ان المتطرفين لم يتمكنوا من السيطرة على اي بقعة عراقية سوى في بعض مناطق اهل السنة الذين عانوا أشد مرارات الظلم والتشرد والهوان والاذلال جراء تحكم هذه المجموعات بهم وانتفضوا اكثر من مرة وشكلوا الصحوات وغيرها من التنظيمات الوطنية المناضلة وحاربوا هؤلاء الظلاميين، وما يزالون يقاتلونهم بشراسة لطردهم من ارضهم الرازحة تحت حكم الارهاب وشريعته.
وفي هذا الصدد يمكن ادراج الصراع القائم اليوم ايضا بين الاتراك والاكراد على الحدود الشمالية السورية وفي قلب تركيا بالصراع السني - السني، ومن خلال هذه المؤشرات والكثير من الامثلة الاخرى، يمكن القول ان المعركة الطاحنة التي تشهدها منطقتنا اليوم ليست معركة سنية - شيعية ابدا، بل هي معركة بين التطرف التي يستهدف جميع المكونات البشرية بلا استثناء، متدثراً بسنيته للاستفادة من بعض وجوهها، وبين الاعتدال السني الذي يعاونه الجميع للقضاء على هذه الآفة التي تشكل خطراً عاماً يهدد الانسانية عموما ومستقبلها.
هذه هي حقيقة الصراع وجوهره.

كاتب المقال
عباس صالح
كاتب وصحفى لبنانى

0 اكتب تعليق على "عباس صالح يكتب :الصراع ليس معركة سنية - شيعية"

  • شارك برأيك مرحبا بالاصدقاء الاعزاء يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما Hello dear "friends I am glad your visit and I hope always to communicate.